إختر عدداً من الأرشيف  
لبنان

وسام جوقة الشرف برتبة فارس قلّدته إياه مستشارة التعاون والعمل الثقافي في السفارة
رئيس مدرسة الجمهور الأب شربل باتور الى الصياد:
الوسام تأكيد على اهتمام فرنسا بمصالحها ومتابعتها لثقافتها في الخارج
تقديراً لإلتزامه برسالته التربوية، ودور وأهمية مدرسة سيدة الجمهور في تعزيز الثقافة الفرنسية والفرنكوفونية، منح رئيس حكومة فرنسا رئيس مدرسة سيدة الجمهور الأب اليسوعي شربل باتور وسام جوقة الشرف الفرنسي برتبة فارس. وسام أقر في عام ٢٠١٧، كان تقلده الأب باتور في احتفال أقيم في المدرسة في ١٦ حزيران/يونيو الماضي.
وقد اعتبر الأب باتور في حوار مع الصياد ان تقليده الوسام يستند الى متابعة المؤسسات التربوية الفرنسية للمدرسة في رسالتها، وانه بمثابة عتب على الدولة اللبنانية لجهة دعمها للقطاع التربوي الخاص في لبنان، بدل ضربه... وتطرق الحوار الى أهمية الوسام، ومعاناة المدارس الخاصة وما تواجهه من مشاكل قد تودي بها الى اقفال أبوابها...

كيف تقيّم منحك هذا الوسام من قبل الحكومة الفرنسية ولماذا؟
- لا بدّ بدايةً من الاشارة الى أن وسام جوقة الشرف الفرنسي برتبة فارس، هو من أقدم الأوسمة الفرنسية، وقد أطلقه الأمبراطور نابوليون بونابرت. ودرجت العادة لدى الحكومة الفرنسية في منحه لمن يعملون في القطاع التربوي، وهو أكاديمي بامتياز. وسبق ومنحته فرنسا لعدة شخصيات لبنانية من منطلق اهتمام فرنسا بمن يشجعون ويعملون لتعزيز الثقافة واللغة الفرنسية والفرنكوفونية.
من حيث المبدأ، تقرر منحي هذا الوسام من قبل رئيس الحكومة الفرنسية في تموز/يوليو من العام الفائت، وتبلغت به عبر رسالة في آب/اغسطس من ذلك العام غير ان التزامي بأجندة نشاطات المدرسة في حينه حال دون اجراء مراسم التقليد، ليتم ذلك في احتفال اقيم في ١٦ حزيران/يونيو الفائت، حيث قامت مديرة المعهد الفرنسي ومستشارة التعاون والعمل الثقافي في السفارة الفرنسية

السيدة فيرونيك اولانيون، ممثلة السفير الفرنسي برونو فوشيه بتقليدي الوسام.
وما الدوافع لتقليدك هذا الوسام الرفيع؟
- يأتي تقليدنا هذا الوسام الذي اعتبره وساماً لمدرسة سيدة الجمهور ولجسمها التعليمي وكل العاملين فيها، نظراً لدور المدرسة في تعزيز الثقافة الفرنسية والفرنكوفونية، بحيث تعتبر السفارة الفرنسية في لبنان ومعها دولة فرنسا، مدرستنا من المدارس الفرنكوفونية المهمة في لبنان، وتستحق دعمها ودعم ادارتها. اضف الى ذلك: رأت الحكومة الفرنسية كما سفارتها في لبنان التي تربطني بها علاقات صداقة، رأت مدى التزامي اللامتناهي في تعزيز مسيرة المؤسسات اليسوعية في لبنان، وفي اعداد طلاب مناصرين للانفتاح الثقافي.
والى ما سبق، ان مدرسة سيدة الجمهور هي ضمن الادارة التربوية الفرنسية، مع ما يعني ذلك اعطاؤنا بعض الامتيازات، منها خضوع طلابنا لامتحان البكالوريا الفرنسية، والتبادل الطلابي مع بلدان فرنكوفونية اخرى.
ما أهمية هذا الوسام لكم شخصياً وللمدرسة ككل؟
- اننا كرهبنة لا نبحث عن أوسمة. لذا، حين بُلِّغت بمنحي إياه، لم أكن اعرف معناه، فوجئت، لأننا نؤدي رسالتنا من منطلق ايماننا بها وليس من أجل الحصول على وسام. لكن لا اخفي فرحتي به لأنه تأكيد على مدى تقدير المسؤولين الفرنسيين لدورنا ولما تقوم به المدرسة.
يعني ان الوسام ترك تأثيراً في نفسك؟
- صحيح. تأثرت بهذه المبادرة التي هي تقدير للمدرسة ولعلاقاتها التاريخية مع فرنسا، لا سيما وان مدرسة سيدة الجمهور هي من المؤسسات التعليمية الاولى في لبنان التي ساهمت في تعزيز الثقافة الفرنسية، وتربية اجيال على هذه الثقافة، والعمل على توطيد العلاقة، خصوصا وان لبنان - اقله لبنان الحديث - مرتبط عضويا بفرنسا وبالثقافة الفرنسية.
لكن، مقابل هذا التأثر الفرح، انتابني شعور حزين، وتمنيت لو ان الدولة اللبنانية تهتم بالتربية كما تهتم الدولة الفرنسية بثقافتها المنتشرة في بلدان اخرى.

زعزعة استقرار المدارس
ما الذي تتمناه من الدولة اللبنانية؟
- اطلب من دولتنا الاهتمام بنا داخل الوطن، وعدم تدخلها بشؤوننا التربوية كما فعلت هذا العام، وادى تدخلها الى زعزعة استقرار المدارس.
ما هي الاضافة التي يعطيها هذا الوسام للمدرسة ولرسالتها؟
- مما لا شك فيه ان العمل في المدرسة هو عمل تراكمي. ويأتي هذا الوسام ليشجعنا على الاستمرار في رسالتنا وفي مراكمة المزيد من النجاح والتطوير في البرامج التعليمية. يعرف الجميع ان المدرسة تضم عددا كبيرا من الطلاب ومعظم اهاليهم هم من قدامى خريجي المدرسة. اضف الى ذلك، ان نتائج طلابنا في البكالوريا الفرنسية تعتبر الافضل، كما نحن الافضل في مجال التكنولوجيا والروبوتيك. كل ما سبق، مضاف اليه ما يحققه قدامى خريجي المدرسة من نجاحات في كل البلدان وفي مختلف المجالات، يحيط المدرسة بهالة مميزة، مختلفة الى حد ما عن سائر المؤسسات.
ما نحققه سنة فسنة من نجاحات وتطوير، تواكبها فرنسا من منطلق علاقات التعاون بيننا، وتقدر ما نقوم به، والدليل هو منحها هذا الوسام الذي تؤكد عبره استمرار دعمها لرسالتنا، ومن منطلق واجباتها كمسؤولة عن التربية والتعليم الفرنسي في الحفاظ على ثقافتها في الخارج. انهم يعرفون اين هي مصلحة بلدهم وثقافتهم.
الى اي مدى تواكب فرنسا عبر مؤسساتها التربوية مدرسة سيدة الجمهور؟
- المواكبة كبيرة، لدرجة انني استغرب ذلك، خصوصا اننا ندرّس منهاجهم، ونتابع تطورهم. فحاليا نعد لورشة عن البكالوريا الفرنسية التي طرأت عليها تعديلات في فرنسا. انهم يتابعوننا ويتابعون اخبارنا.
لكن ذلك لا يعني اننا نلغي دورنا كلبنانيين.
لكنكم فرنكوفونيين اكثر مما انتم لبنانيون في برامجكم. الا يؤثر ذلك على هوية الطالب؟
- ابدا. اننا في انفتاحنا على الثقافة الفرنسية، وتعلّمنا الفرنسية لا يلغي هويتنا اللبنانية ولا ننسى اصولنا.
اننا في ما نقوم به نغني هويتنا اللبنانية، ونتعمق اكثر باحوالنا. فعندها ننفتح على الاخرين، لا نفقد هويتنا، بل نتعمق بها اكثر.

الاستراتيجية التربوية
ماذا على صعيد علاقة المدرسة بمؤسسات الدولة اللبنانية التربوية؟
- تعرف الدولة ما هي عليه مدرسة الجمهور واين تقع، لان معظم ابناء المسؤولين من وزراء ونواب ومسؤولين في وزارة التربية هم من طلابنا. انهم يعرفوننا على صعيد شخصي. لكني عندما اتحدث عن الدولة اللبنانية، انما اقصد استراتيجية تربوية، هي للاسف غير موجودة، والدليل قرار الحكومة برفع رواتب اساتذة القطاع الرسمي الذي الزمت به القطاع الخاص. وبادرت الحكومة الى رفع الضرائب كي تستطيع دفع الرواتب، فيما نحن كقاطع خاص ممنوع علينا رفع الاقساط المدرسية، ما دفع ببعض المدارس الخاصة الى اغلاق ابوابها، عدا عن وقوع مدارس اخرى بمشاكل مادية، فيما مدارس عديدة ليست متأكدة من امكانية فتح ابوابها في مطلع العام الدراسي المقبل. وادى هذا القرار الى اضطرار مدارس جديدة لصرف عدد كبير من الاساتذة، لا سيما القدامى منهم لتقاضيهم رواتب مرتفعة. ان قرارها هذا ادى الى وضع حزين في المدارس، وسنكون على ابواب الموسم المقبل امام مفاجأة لجهة اسماء المدارس التي وللاسف ستغلق ابوابها.
هل تعتقد ان هذا القرار هو لضرب مدارس القطاع الخاص؟
- ضربت الدولة اللبنانية في عام ٢٠١٧ قطاع المدارس الخاصة، والسؤال هو: هل ما حصل هو عن سابق تصور وتصميم؟ وبالتالي، هل هناك اجندة خفية؟ ولمصلحة من؟ لكني، وبموازاة كل تلك الاسئلة، ارى ان من وقّع على القانون هم ١٢٨ نائباً من معظم الاتجاهات السياسية والدينية. هناك امر غير مفهوم.
ما المطلوب من خطوات للحفاظ على القطاع وتطويره بدل ضربه؟
- المطلوب، وبسرعة، تشريع جديد. لا بد من ان تكون هناك تشريعات خاصة بالمدارس الخاصة، من دون ان يعني ذلك انه على حساب الاساتذة، الذين هم عائلتنا الكبيرة، والذين يجب ان يأخذوا حقوقهم. لا يجوز ربط رواتب اساتذة التعليم الخاص برواتب الدولة، لأن ظروف اساتذة التعليم الرسمي مختلفة عن اساتذة المدارس الخاصة، الذين لهم حقوق وامور اخرى، أهم من اساتذة الرسمي. لذا، لا بد من تشريع خاص للمدارس الخاصة، وان تكون للدولة استراتيجية تربوية واضحة تقوم على دعم القطاع لانه الاهم والاساس في لبنان.

الخروج من الازمة!
كيف تصفون الوضع عندكم كمدرسة الجمهور؟
- لا اخفي اننا اعتمدنا سياسة لحماية مدرستنا من منطلق تفكيرنا بالمؤسسة واننا المسؤولون عنها مباشرة، علماً اننا لا نفرح لما يحصل في مدارس اخرى، كما في مدارس الليسيه فرنسيه، وبعض المدارس الكاثوليكية التي اضطرت لصرف بعض الاساتذة، وهي مهددة بالاقفال. ان الوضع ضبابي جداً في عدد كبير من المدارس الخاصة. بالموازاة، لا اخاف على مدرسة الجمهور، لانني اعتمدت سياسة مالية واعلامية لحمايتها. نحن موجودون ببيئة وضمن مجموعة استثنائية بعض الشيء، جراء تعلق القدامى بالمدرسة. لكن بالمقابل، نعيش هاجس القانون المتعلق برفع الرواتب، اذ لا يمكننا تطبيقه كاملا وفورا، لوجود قسم كبير من الاهالي غير قادرين على تحمل اعبائه. كما اني لا اخاف لان عائلتنا متفهمة الى حد بعيد، أكان الاهل الذين ضحوا معنا او الاساتذة الذين قبلوا بعدم منحهم كل شيء. خلقنا توازنا اعتقد اننا سنعتمده في السنوات المقبلة. لكن السؤال ماذا عن غيرنا لاننا لسنا وحدنا في هذا المجال.
هل انت خائف على مستقبل التعليم الخاص؟
- طبعاً، وما يحزّ في قلبي من منطلق مسؤولياتي لما عليّ من حمل همّ التربية في لبنان. اين المسؤولين؟ اين الادارة والدولة والحكومة ومجلس النواب ووزارة التربية ورئاسة الجمهورية؟
زاركم مؤخراً رئيس الجمهورية للمشاركة في حفل تخريج الطلاب. ألم تتحدث معه عن هذه الهواجس؟
- تربطنا علاقة جيدة برئيس الجمهورية، وقابلته، وأجريت معه نقاشاً صادقاً. موعودون بحل منذ اكثر من ٧ اشهر. اشعر وكأن موتور الدولة بات قديماً وشبه معطل، ولا تصلح خراطته، وكأنه بحاجة للتغيير، وهذا ما يخيفني، اذ ان لبنان كنظام بات فاشلاً وان موتوره لا يعمل.
كم ترى ان الوسام الفرنسي يجب ان يحفز الدولة للاهتمام بالتربية؟
- لا بد لي من القول ان مستوى نجاح طلابنا في البكالوريا الفرنسية بلغ نسبة المئة بالمئة، ووازى مستوى النجاح في اهم مدارس فرنسا صاحبة هذه الشهادة وما سجلناه من نجاح سجل في اغلبية مدارسنا اللبنانية، وبدل ان تفتخر دولتنا بذلك، لا سيما واننا نحقق هذا المعدل الذي هو اعلى من معدل فرنسا بامكانات محدودة، نرى الدولة تضع العصي بدواليبنا. تكمن مشكلتنا في اعتبار المسؤولين ان المدرسة الرسمية هي البديل، فيما الدولة غير قادرة على تقديم مدرسة رسمية جيدة، في مقابل ضربها المدارس الجيدة. كما انه بدلاً من ان تدعم المدارس الخاصة الجيدة، تقوم بدعم غير اكيد، ان هذا ما يحزننا، ونعتبره دليلاً على وجود قصر نظر، وغياب التخطيط، وربما وجود نية سيئة لضرب القطاع التربوي الذي نعتبره ضرباً للبنان. لربما، هناك اجندة لضرب البلد بطريقة ناعمة وعلى نار هادئة، وقد يكون ضرب القطاع التربوي واحداً من الوسائل لضرب البلد كله.
    قرأ هذا المقال   783 مرة
غلاف هذا العدد