إختر عدداً من الأرشيف  
حوار الصياد

تحافظ على طابعها القروي... وطبيعتها الخضراء وتنتظر مشاريع الدولة
الخريبة تحتاج الى البنى التحتية وإمكانات البلدية متواضعة
من بين أشجار السنديان المظللة لبيوتها التراثية، تطل قرية الخريبة وادعة، غارقة في هدوء طبيعتها وناسها. انها من القرى والبلدات النادرة في قلب المتن الاعلى، التي لا تزال تعيش على بساطة الحياة القروية بكل تفاصيلها، ذلك ان الخريبة وبقرار من بلديتها وسكانها، تحافظ على طبيعتها الخضراء، وبيئتها النظيفة التي لم يصلها التلوث حتى اليوم!!
وعلى عكس محيطها من البلدات، تفتقر الخريبة الى الكثير من المقومات والخدمات التي تعزز وضعها ونموها، لا سيما بعد الاهمال الذي طال قطاعها الزراعي، الامر الذي دفع بأهاليها الى الحفاظ على الحِرف اليدوية التي تشكل اساساً لدخلهم.
وبالمقابل، تسعى بلديتها الى توفير ما تيسر من الخدمات بما يتناسب مع ميزانيتها، وما تقدمه بعض الوزارات الخدماتية من خدمات.
عن الخريبة وعن مقوماتها تحدث الى الصياد رئيس بلديتها رجل الاعمال سامر القاقون الذي قرر، بعد غربة ٣٠ عاماً في لوس انجلس، العودة الى مسقط رأسه والمساهمة في خدمة بلدته، فكان الحوار التالي:

مما لا شك فيه ان للخريبة خصوصية تتميز بها عن سائر قرى وبلدات المتن الأعلى، فما هي هذه الخصوصية؟
- قد تكون الخريبة من بين البلدات القليلة المحافظة لليوم على طبيعتها الخضراء وبيئتها النظيفة، ما يجعل منها قرية نموذجية فعلاً. فالقرية تبعد حوالى ٢٥ كيلومتراً عن العاصمة بيروت، وتحافظ على طابعها القروي، إن من حيث البناء او من حيث طبيعة أهلها. ومساحتها لا تتعدى الكيلومتر المربع، وهي مشهورة بأشجار السنديان، لدرجة يمكن القول انها حرج سنديان مزروعة فيه بيوت أهالي القرية، ما يجعل منها لوحة طبيعية مرسومة في قلب المتن الأعلى.
اما من حيث موقعها الجغرافي، فيمكن القول انه مميز، لكونها، وإن كانت تبدو على الخارطة وكأنها في واد، الا انها تقع على تلة خضراء مشرفة على اطلالة طبيعية لقرى وبلدات المتن الأعلى، وتتداخل بيوتها بأحراج الصنوبر. ميزاتها الطبيعية، وما تتمتع به من ثروة حرجية غالبيتها من أشجار السنديان، وبعض احراج الصنوبر، يجعل من مناخها متوسطي ومعتدل صيفاً وشتاءً.
كيف تصف او تصوّر القطاع الزراعي في البلدة؟

- للأسف، ان القرية التي كان يعتمد اهاليها على الزراعة كمورد رزق اساسي، تراجعت فيها المساحات المزروعة بفعل غلاء الأدوية الزراعية والأسمدة ومجمل كلفة الزراعة، وتراجعت قدرة الاهالي والمزارعين المعيشية. وهي كانت مشهورة بزراعة التفاح، ولم تعد اليوم كذلك، اذ يُحافظ اليوم على نسبة ضئيلة من هذه الزراعة من تفاح وزيتون، وبعض مواسم الفول والبازيلاء. والمزارعون غير قادرين على تجديد الأشجار المثمرة بعد انقضاء امدها في الارض.
ازاء تراجع القطاع الزراعي على ماذا يعول الاهالي؟
- تعمل نسبة كبيرة من اهل الخريبة في مهن وحِرف يدوية، وغالبها في مجال البناء، مقابل نسبة بسيطة منهم فضلوا الدخول في سلك الدولة، ولا سيما في المؤسسة العسكرية وقوى الأمن الداخلي.
هل من مبادرات لتشجيع المزارعين للعودة الى اراضيهم الزراعية؟
- نحن نعمل كبلدية، ضمن امكاناتنا المتواضعة، على تشجيعهم، والسعي، الى جانب الجهات المعنية، لدعم هذا القطاع الذي نعتبره اساساً في الحفاظ على الطبيعة الخضراء والبيئة السليمة، خصوصاً واننا كبلدية، نشدد كثيراً على الحفاظ على البيئة.
وما هي التدابير التي تعتمدونها للحفاظ على البيئة سليمة؟
- أبرز ما نشدد عليه يتعلق بالتصنيف العمراني، الذي حددناه بنسبة بناء ٢٥ الى ٥٠%.
ان الخريبة، وعلى عكس البلدات والقرى المجاورة، لم تشهد هجمة عمرانية، وهذا ما يجعلها تحافظ على تراثية بيوتها، فيما نشجع الاهالي عند بناء بيوت جديدة على اعتماد الحجر الصخري بنسبة معينة والقرميد الاحمر.
كم يبلغ عدد سكان الخريبة وما هي أبرز عائلاتها؟
- يبلغ عدد سكانها ١٢٠٠ نسمة وجميعهم من الطائفة الدرزية، فيما ابرز عائلاتها هي: القاقون، النبي عثمان، قائدبيه، طحموش وسنجد. وميزة هذه العائلات انها لم يعرف ابناؤها الهجرة الا بنسبة ضئيلة جداً لا تتعدى ال ١٥ بالمئة.
وماذا عن الاصطياف فيها؟
- القرية غير مؤهلة للاصطياف، ولا توجد فيها بنية اصطيافية او سياحية، علماً ان بعض العائلات البيروتية تقصدها صيفاً، ونسبة لا تتعدى الخمسة بالمئة، مقابل وجود بيت اماراتي واحد فيها، عكس ما هو قائم من البلدات المحيطة التي باتت فيها مجمعات سكنية للاصطياف الخليجي.
ماذا عن الخدمات، هل يمكن القول انها متوافرة في الخريبة؟
- لا يمكن الادعاء ان كل الخدمات مؤمنة فيها، ففي الوقت الذي تتوافر فيه المياه، لوجود نبع وخزان مياه قديم، وقد بنينا خزان مياه جديداً، ونتطلع الى ما سيصلنا من مياه من سد القسماني المزمع بناؤه في فالوغا. وبادرت البلدية، وفق موازنتها المتواضعة الى بناء جدران دعم، وتوسعة طرقات، فيما وزارة الاشغال العامة والنقل بادرت الى تزفيتها.
وترزح الخريبة كما سائر البلدات اللبنانية لعبء النزوح السوري، اذ تستضيف ٤٠٠ نازح، وقد أثّر وجودهم على البنى التحتية، لا سيما على شبكتي المياه والصرف الصحي.
ما المطلوب من الدولة ومن الوزارات المعنية من خدمات؟
- رفعنا مطالبنا للدولة، ولا سيما الى وزارة الطاقة والمياه التي طالبناها بشبكة مياه جديدة، ووعدنا بتنفيذها من دون تكبيد البلدية كلفتها، وتستكمل البلدية شبكة الصرف الصحي على نفقتها الخاصة بالتعاون مع وزارة الاشغال العامة والنقل.
لكن تبقى امامنا مشكلة متعلقة باستملاك بعض الاراضي لتوسيع الطرقات، وهي مشكلة من شقين: الأول يتعلق بالأهالي المتعلقين بأراضيهم، والثاني متعلق بالتعويض المالي الذي لا نملكه كبلدية، موازنتها متواضعة. ونتطلع لأن يكون هناك محطة لتكرير مياه الصرف الصحي، وأخرى للنفايات المتوقع تنفيذها على مستوى اتحاد بلديات المتن الأعلى. اما أهم ما نصبو اليه فمتعلق بتعزيز صلاحيات البلديات بهدف تأمين جميع الخدمات التي يحتاجها المواطن، ونطالب بتطبيق اللامركزية الادارية، التي من شأن اعتمادها تسهيل امورنا وأمور المواطنين وكل المعاملات المتعلقة بهم. وفي المحصِّلة، نريد تعزيز هذه الصلاحيات لأن العمل البلدي هو خدمة عامة، ونتمنى من الدولة ان تبقي عينها ساهرة على القرى الصغيرة التي تعتبر اساساً في الحفاظ على نموذج جبل لبنان.
هل هناك اتجاه لتعزيز السياحة البيئية في الخريبة؟
- برغم ما أنعم الله علينا من موقع وطبيعة وأحراج سنديان، الا ان السياحة البيئية لم تصل الى قريتنا بعد، نظراً لعدم وجود بنى تحتية لها. ان السياحة البيئية تتطلب منا: شق طرقات وتعبيدها وهذا ما لا طاقة لنا عليه بسبب موازنة البلدية المتواضعة.
    قرأ هذا المقال   255 مرة
غلاف هذا العدد