إختر عدداً من الأرشيف  
الهام فريحة

وزير الداخلية قال كلمته:
لا للشارع
وزير الداخلية نهاد المشنوق أمسك جمرة التصعيد بيده فأطفأها، وتلقَّف كرة نار التظاهرات فرماها بعيداً، ولو لم يتخذ القرار الحازم في اللحظة المناسبة لكان الثلاثاء الماضي ثلاثاء أسود من حيث المواجهة في ساحة الشهداء.
الوزير المشنوق استشعر الخطر الداهم فكلَّفته المسألة تغريدتين على تويتر قال فيهما: بعد التشاور مع القيادات الأمنية المعنية اتّخذنا القرار بعدم الموافقة على أي طلب من أية جهة للتظاهر حفظاً للسلم والأمن الأهلي. واتبعها بتغريدة ثانية قال فيها: لا يُتعب المغرّدون أنفسهم، الجيش اللبناني الخاضع لمجلس الوزراء مجتمعاً هو مؤسسة وطنية جامعة لكل لبناني وتحمي لبنان وجميع المقيمين على أرضه.
جاءت هاتان التغريدتان لتضعا حداً للتساؤلات عن موقف وزارة الداخلية من التهويل المتلاحق بالنزول إلى الشارع.


لم يقتصر الأمر على الوزير المشنوق، بل إنَّ سياسيين كثراً وقفوا إلى جانب الجيش لتفادي ما كان يحصل في السابق لجهة الحملات عليه، وجاء في طليعة هؤلاء النائب وليد جنبلاط الذي وجه نداءً قال فيه: اتركوا الجيش اللبناني يقوم بواجباته بعيداً عن التحريض من هنا وهناك، ولا للتظاهرات حول موضوع النازحين. لا لتجربة 1975 و1976 التي أساءت للبلاد وقسمتها. نعم للتمييز بين الإرهاب واللاجئ السوري.

مخاوف جنبلاط متأتية من أنَّه يستحضر المواجهات التي جرت مع الفلسطينيين بعد توقيع إتفاق القاهرة، ثم في مطلع سبعينيات القرن الماضي وصولاً إلى أحداث صيدا، وكأنَّ قدر الجيش اللبناني أن يقع في مواجهة إما مع اللاجئين الفلسطينيين وإما مع النازحين السوريين.


في الأساس إنَّ التظاهرة ضد الجيش لا لزوم لها، فهو يتمتع بمناقبية مرتفعة، وحتى إذا شابت ممارسات بعض العناصر، بعض الأخطاء، فإنَّ هناك أسساً للمحاسبة، فالجيش هو مؤسسة وليس ميليشيا، والأمور فيه غير فالتة.


أما التحريض على الجيش فجاء من صفحة على فايسبوك إسمها إتحاد الشعب السوري في لبنان... للوهلة الأولى ساد الإعتقاد بأنَّ جهات مخابراتية تقف وراء هذه الصفحة، ليتبيَّن لاحقاً أنَّ الذي يدير الصفحة مقيم في منطقة تعمير عين الحلوة، فقام الأمن العام بعملٍ جبار من خلال تعقب الصفحة وتوقيف الذي يديرها، وهو من النازحين السوريين ومن مدينة الرقة السورية.
ومن خلال التحقيقات تبين أنه سبق أن أنشأ صفحة تحت إسم إتحاد الشعب الفلسطيني في لبنان، للإيقاع بين اللبنانيين والفلسطينيين.


في أيِّ حال، فإنَّ تظاهرة الأجنبي في لبنان تخضع للقانون الدولي وللمعاملة بالمثل بين الدولة المضيفة وقوانين دولة الأجنبي، فإذا كان مسموحاً للبناني أن يتظاهر في سوريا، يكون مسموحاً للسوري أن يتظاهر في لبنان.


في المحصِّلة، حسناً فعل الوزير المشنوق، لقد أراح الجميع من كل الإجتهادات، وقال كلمته:
لا للشارع.

    قرأ هذا المقال   18226 مرة
غلاف هذا العدد